السؤال:
هل يجوز الدعاء ببعض الآيات القرآنية، مثل قول الله تعالى: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}؟
الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإنه يستحب للمسلم أن يدعو بأدعية القرآن الكريم؛ لأنها من الأدعية الجامعة، وقد دلَّ على ذلك عدد من الأدلَّة، منها:
ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "دعوة ذي النون، إذْ دعا بها وهو
في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع
بها
رجل مسلم في شيء قط؛ إلا استجاب الله له" (رواه أحمد، والنسائي، والترمذي).
ومنها: ما رواه البخاري ومسلم عن أنس قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه
وسلم: "اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب
النار".
وكذلك استحب الأئمة الأربعة وغيرهم الدعاء بالمأثور من
القرآن في الصلاة وغيرها، واختلفوا فيما سواه؛ قال الإمام النووي: "قال
صاحب "الحاوي": "يحصل الدعاء
بالمأثور وغير المأثور ... قال: فإن قرأ آية من القرآن هي دعاء، أو شبيهة بالدعاء - كآخر البقرة – أجزأه". اهـ.
وقد عقد العلامة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في كتابه "دعاء القنوت" فصلاً، ذكر فيه كثيراً من الأدعية الجامعة من القرآن.
والحاصل: أنه لا مانع أن يدعو المسلم بالدعاء الذي يحتاج إليه، ويناسب حاله، وينبع من ضميره وحاجته، مثل قوله تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}
[الشعراء:83]، وقوله تعالى: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة: 128]، وقوله تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ
الدُّعَاءِ} [آل عمران: 38]،وقوله تعالى: {رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} [الأنبياء: 89]. وما شَابَهَ ذلك،،
والله أعلم.