بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حكم ترك الجمعة لانه صلى العيد
أما عن اجتماع العيد والجمعة في يوم واحد، وهل يسقط وجوب الجمعة حينئذ؟ فهي مسألة خلافية بين العلماء بناء على
اختلافهم في تصحيح الأحاديث والآثار الوا ردة في ذلك من جهة، وفيما تدل عليه من جهة أخرى. دار الافتاء المصرية
مسالة خلافية:
1ـ يصلى العيد ولا صلاة عليه
أنّ الجمعة والظهر يجزئ عنهما صلاة العيد . وهو قول عطاء رحمه الله تعالى
قال عطاء: "اجتمع يوم فطر ويوم جمعة على عهد ابن الزبير، فقال: (عيدان اجتمعا في يوم واحد)، فجمعهما جميعًا فصلاهما ركعتين بكرة، لم يزد عليها حتى صلى العصر"
ولقد أنكر ذلك عليه، وصليت الظهر يومئذ.
أمّا قول عطاء؛ فقول مهجور، مخالف لقواعد وأصول الشريعة
وقال ابن عبد البر: "ليس في حديث ابن الزبير بيان أنه صلى مع صلاة العيد ركعتين للجمعة، وأي الأمرين كان، فإنّ ذلك أمر متروك مهجور، وإن كان لم يصل مع صلاة العيد غيرها حتى العصر، فإن الأصول كلها تشهد بفساد هذا القول"
2ـ يصلى العيد والظهر لأهل البادية الشافعى ورواية عن مالك
و هو القول الراجح هو قول الشافعي ومن وافقه من أهل العلم، أنّ الرخصة في ترك حضور الجمعة لمن حضر العيد من أهل البوادي والقرى ومن يشق عليهم الحضور .
قال الشافعي: "وإذا كان يوم الفطر يوم الجمعة صلّى الإمام حين تحلّ الصلاة، ثم أذن لمن حضره من غير أهل المصر في أن ينصرفوا إن شاؤوا إلى أهليهم ولا يعودون إلى الجمعة"
وقال: "ولا يجوز هذا لأحد من أهل المصر أن يدعوا أن يجمعوا إلا من عذر يجوز لهم به ترك الجمعة، وإن كان يوم عيد" الام
بما روي عن أبي عبيد مولى ابن أزهر، قال: شهدت العيد مع عثمان بن عفان، وكان ذلك يوم الجمعة، فصلى قبل الخطبة، ثم خطب فقال: (أيها الناس، إنّ هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحبّ أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحبّ أن يرجع فقد أذنت له) البخارى
أهل البوادي لا تجب عليهم الجمعة إلا إن قلنا إن حضورهم إلى المصر يلزمهم الجمعة فاحتاجوا إلى الرخصة، ولأنّ حبسهم في البلد يتنافى مع مقاصد العيد من إشاعة البهجة والسرور
3ـ يصلى العيد والجمعة و أنّ الجمعة واجبة على كل من صلى العيد .
وهو قول أبي حنيفة، ورواية عن مالك، واختيار ابن حزم، وابن المنذر، وابن عبد البر
قال أبو حنيفة: "عيدان اجتمعا في يوم واحد، فالأول سنة، والآخر فريضة، ولا يترك واحد منهما". الجامع الصغير
وروى ابن القاسم عن مالك أنّ ذلك – ترك الجمعة – غير جائز، وأن الجمعة تلزمهم على كل حال. المدونة
ـ لا يجوز ترك الجمعة الا (مريض صبى امراة مسافر) فهل ترك الجمعة لصلاة العيد واحد من ذلك
ـ احاديث ضعيفة ومنكرة لا يحتج بها التى تجيز ترك فرض لانه صلى سنة مؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ـ اذن لم يثبت بحديث صحيح ان النبى صلى الله عليه وسلم رخص فى ترك الجمعة لانه صلى العيد فلم يوجد حديث صحيح للبخارى أو مسلم .........
ـ سيدنا عثمان اجاز لعالية المدينة عندما الا يحضروا الجمعة لبعدهم والمشقة ان ياتى للعيد ثم يرجع للجمعة.
ـ جمهور العلماء على عدم جواز ترك صلاة الجمعة اذا اجتمعت مع الجمعة من الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة قالوا يجوز
ـ ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودِيَ للصَّلاةِ من يومِ الجمعةِ فسعوا إلى ذِكرِ الله ... الآية ) . فأوجب السعيَ لها على كل قادرٍ ، و لم يخص اللهُ و لا رسولُهُ صلى الله عليه وسلم يوم العيد بحكم خاص و الأمر بالسعي
ـ فقد كانت سنَّتُهُ عليه الصلاة والسلام أنَّه إذا اجتمع يوم جمعة و عيد صلى العيدَ أوَّلاً ثم صلى الجمعة و هذا صريحٌ في أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا اجتمع عيدٌ و يومُ جمعةٍ صلى صلاتين لا صلاةً واحدة
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ ، في العيدين وفي الجمعة ، بسبح اسم ربك الأعلى ، وهل أتاك حديث الغاشية . قال : وإذا اجتمع العيد والجمعة ، في يوم واحد ، يقرأ بهما أيضا في الصلاتين .
الراوي: النعمان بن بشير المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 878
خلاصة حكم المحدث: صحيح
قال ابن المنذر: "أجمع أهل العلم على وجوب صلاة الجمعة، ودلت الأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن فرائض الصلوات خمس، وصلاة العيدين ليست من الخمس"
فمن العلماء من ذهب إلى أن أداء صلاة العيد لا يرخص في سقوط الجمعة مستدلين بأن دليل وجوب الجمعة عام لكل أيامها، وأن كلا منهما شعيرة قائمة بنفسها لا تجزئ عن الأخرى، وأن ما ورد في ذلك من الأحاديث والآثار لا يقوى على تخصيصها لما في أسانيدها من مقال وهذا مذهب الحنفية والمالكية. دار الافتاء المصرية
4ـ أنّ من شهد العيد سقطت عنه فرضية الجمعة، لكن على الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها، ومن لم يشهد العيد
وهو مذهب الحنابلة، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية
قال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عن عيدين اجتمعا في يوم يترك أحدهما ؟ قال: لا بأس به، أرجو أن يجزئه
هذا المذهب مستبعد لأنّ الأحاديث التي في الباب لا تسلم من مطعن
وقالت دار الافتاء المصرية
أما الجمهور - ومنهم الإمام الشافعي في الأصح- فذهبوا إلى وجوب الجمعة على أهل البلد وسقوطها عن أهل القرى الذين تحققت فيهم شروط وجوبها لما في إلزامهم بأدائها مع العيد من المشقة والحرج، واستدلوا على ذلك بما رواه مالك في الموطأ أن
عثمان بن عفان - رضي الله عنه- قال في خطبته: "إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان، فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها، ومن أحب أن ي رجع فقد أذنت له" ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فكان إجماعا سكوتيا
، وعلى ذلك حملوا أحاديث الرخصة في ترك الجمعة لمن صلى العيد.
وعليه فالأمر في ذلك واسع ما دامت المسألة خلافية ولا يعترض بمذهب على مذهب، فتقام الجمعة في المساجد؛ عملا بالأصل
والأحوط، ومن كان يشق عليه حضور الجمعة أو أ راد الأخذ بالرخصة فيها تقليداً لقول من أسقط وجوبها بأداء صلاة العيد فله ذلك، بشرط أن يصلي الظهر عوضا عنها من غير أن يثُرَبِّ على من حضر الجمعة أو ينكر على من أقامها في المساجد أو يثيرفتنة في أمر وسع سلفنا الخلاف فيه.
أما سقوط الظهر اكتفاء بالعيد فالذي عليه جمهور الأمة سلفاً وخلفا أن الجمعة إذا سقطت لرخصة أو عذر أو فوات وجبت صلاة الظهر عوضا عنها، وروي عن عطاء أن الجمعة والظهر معا يسقطان بصلاة العيد ودليله ما رواه أبو دا ود عنه قال: صلى بنا ابن الزبير رضي الله عنهما في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا فصليَّنا ، وكان ابن عباس رضي الله عنهما بالطائف فلما قدم ذكرنا ذلك له فقال: "أصاب السنة".
وهذا لا يصلح دليلاً لتطرق الاحتمال إليه، وما تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال، فإنه لا يدل على أنه لم يصل الظهر في منزله بل في قول عطاء أنهم صلوا وحداناً "أي الظهر" ما يشعر بأنه لا قائل بسقوط الظهر حينئذ، ويمكن حمل هذا المذهب على من
يرى تقديم الجمعة قبل الزوال وهذا مروي عن الإمام أحمد بل وعن عطاء نفسه حيث نقل عنه قوله: "كل عيد حين يمتد الضحى:الجمعة والأضحى والفطر" وهذا التوجيه تؤكده رواية وهب بن كيسان عند النسائي حين قال: "اجتمع عيدان على عهد ابن ال زبير،فأخر الخر وج حتى تعالى النهار، ثم خرج فخطب فأطال الخطبة ثم نزل فصلى ولم يصل للناس يوم الجمعة"؛ إذ من المعلوم أن خطبة الجمعة تكون قبلها وخطبة صلاة العيد بعدها لا قبلها، ولذلك قال أبو البركات ابن تيمية رحمه الله تعالى: "قلت: إنما وجه هذا أنه رأى تقدمة الجمعة قبل الزوال فقدمها واجتزأ بها عن العيد". اه.
كما لم يعهد من الشا رع أنه جعل الصلوات المكتوبات أ ربعا في أي حالة من الحالات حتى في حالة المرض الشديد، بل وحتى في الالتحام في القتال، بل هي خمس على كل حال كما هو منصوص قطعيات الشرع الشريف في مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم للأعرابي في تعداد فرائض الإسلام ِ "خمَس صلوَاَت فيِ اليْومْ واَلليَّلْة"
متفق عليه من حديث طلحة بن عبيد الله ،
وإذا كانت الصلاة المفروضة لا تسقط بأداء صلاة مفروضة مثلها فكيف تسقط بأداء صلاة العيد التي هي فرض كفاية على المجموع وسنة على مستوى الفرد.
وقد أ وجب الشرع الشريف هذه الصلوات الخمس لذاتها على اختلاف الأ زمنة والأمكنة والأشخاص والأحوال -إلا فيما استثناه من حيض المرأة ونفاسها على عدم سقوط أي صلاة مكتوبة على أي حال وفي أي زمان.
وعلى ذلك فالقول بسقوط الجمعة والظهر معا بصلاة العيد قول لا يعول عليه؛ لضعف دليله من جهة وعدم تحرير النسبة إلى قائله من جهة أخرى. والله سبحانه وتعالى أعلم.
والحمد لله رب العالمين