الـــــمـــطــبــخ الـــتــركــي...نـــكــهــات مــتــنــوعـة وتــوازن غــذائــيعادةً
ما يتساءلُ المهتمون بالطبخ والأطعمة عن أشهر ثلاثة مطابخ فِي العالم،
ومما لا شك فيه أن المطبخ الفرنسي والصيني يحتلان صدارة القائمة، لكنْ ثمة
اختلاف
حول من يحتل المرتبة الثالثة، فالمغاربة يختارون طعامهم
حتماً، والشعب اللبناني يختار مطبخه، أما الأتراك فيقولون إنه ما من داع
للشك فمطبخهم هو من يحتلها.
ومما لا شك فِيه أن المطبخ التركي يحتل
موقعه بين أقدم وأفضل مطابخ العالم حيث تعود بعض الأطباق مثل المانتي (كرات
صغيرة تطبخ فِي اللبن) إلى عصور ما قبل
الإسلام عندما كان الأتراك
الرحّل فِي آسيا الوسطى هم الأغلبية السائدة في هضبة الأناضول، وترجع بعض
الأطباق الأخرى مثل التتماج (حساء العصائرية) أو القطمر
(معجنات
بشكل طبقات) إلى عصر الأباطرة السلجوقيين الذين استقروا وأسسوا
إمبراطوريتهم فِي الأناضول فِي القرن الحادي عشر، لكن المطبخ التركي لم
يبلغ أوجه إلا في القرن الرابع عشر مع وصول العثمانيين؛ فتطور إلى المطبخ
الغني المتنوع الذي نعرفه حتى يومنا هذا.
يشكل القمح جزءاً رئيسياً
من وجبات الطعام اليومية لدى الأتراك، وما زال قرص الخبر المسطح (خبز
البايد أو اللاوش) المصنوع من دقيق القمح موجوداً على المائدة
التركية، وكذلك يستعمل الطحين لإعداد عجائن رقيقة جدا،ً يمكن أن تلف حول
اللّحم أو الجبن أو الخُضار بعدة طبقات لتحضير البوريك وهو صنف مدهش من
الفطائر،
أو تلف على طبقات تحشى بالمكسرات والكريمة لصنع البقلاوة، وهي مصطلح عام لوصف صنف من الحلويات.
كذلك
يتم سلق الحنطة وتجفِيفها ثم جرشها لعمل البرغل وهُوَ مَصدر غذائي آخر
يُستَخدم فِي إعداد البيلاف وكمادة توضع للخضراوات المحشية أو فِي السلطات
ويُخلَط
البرغل كذلك مَعَ اللّحم لإعداد الكفتة (الوجبة الشبيهة بالكبة العربية) أو مَعَ الخضراوات لإعداد فطائر الباتريك.
ويعتبر
الرُّز مصدراً غذائياً أكثر رُقياً من البرغل حيث يُستَخدم فِي إعداد طبق
البيلاف المميز أو يُخلَط مَعَ الزبيب واللّحم والصنوبر ليعطي حشوة حلوة
لذيذة الرائحة
للخضراوات والفواكه مثل السفرجل أو لحشو الفطائر أو
بلح البحر حيث تعتبر الأخيرة والتي تدعى مدّي دولماسي (بلح البحر المحشو)
أحد أهم الأطعمة الشائعة فِي
الشوارع التركية.
واللبنة إحدى
المصادر الغذائية المهمة وفي الحقيقة يعتقد أن الأتراك الرُحّل هم أول من
اكتشفوا اللبنة حين كانوا يحملون الحليب فِي جلود الماعز وعند تعرضه
للاهتزاز
عند انتقالهم من مكان إلى آخر تخثر واكتسب طعماً حامضاً
لذيذاً. يخلَط اللبن مَعَ شرائح الخيار والثوم لصنع المزة وهي مجموعة
الأطباق الصغيرة التي تقدم كمقبلات
وقد تؤلف وجبةً كاملة. وكذلك يطبخ اللبن ليصبح صلصة لطبخ المانتي أو إعداد التتماج.
وتتوفر
الخضراوات والفواكه بصورة غزيرة في تركيا وهي دائمة الحضور في الوجبة
التركية سواءً كانت وجبة بسيطة أم وليمة حيث تُستَخدم الخضار الطازجة فِي
السلطات أو تطبخ فِي المرق (اليخنة) أو تحشى لصنع صنف متنوع من أطباق
الخضار ما يعرف بـ"دولماسي". بينما تُستَخدم الفواكه بعض الأحيان لإضافة
النكهة إلى
الطبخ، أو تؤكل كما هي، أو تُستَخدم لصنع المربيات.
يستخدم
الأتراك اللّحم بصورة قليلة فِي المرق أو الخضراوات المحشوة، لكنه يحتل
المكانة الرئيسية فِي إعداد الكباب. أما الأسماك المتوفرة على الساحل،
والدواجن فهي
تشكل كذلك جزءاً من المائدة التركية خصوصا فِي المناطق الريفِية.
وأما
الحلويات، فإن أشهر الحلويات التركية هُوَ الحلاوة التي تعد من الطحين أو
الدقيق المحمص فِي الزبد مع الشراب المحلى ويضاف إليها في بعض الأحيان
المكسرات، وهناك العديد من الأطباق الأخرى مثل الزردة (بودنك الرز) أو الأسورة وهي قمح مغلي مخلوط مَعَ المكسرات والفواكه.
إن
المطبخ التركي متنوع ومتوازن غذائياً، إذ تشتمل الوجبات التركية عادة على
الحساء وأطباق اللّحم والرز أو المعجنات وطبق من الخضراوات وصنف من
الحلويات،
ومَعَ ذلك فخلال العطل أو المناسبات الدينية الخاصة مثل
ليالي القنديل أو رمضان يتم إعداد وجبات بيتية للولائم تتألف من حوالي
أربعين نوعاً مختلفاً من المزة بينما
يقوم مصنعو الطعام المتخصصون بإنتاج أصناف كثيرة من الحلويات مثل الكولاج وهُوَ رقاق محشو بالمكسرات.